الســـلاح الذي تستخدمــه للدفاع عن نفسك ، وإنتــزاع حقوقك .. من الممكن أن يتحوَّل بين ليلة وضُحاها إلى ســلاح يقتلك أنت ، إذا إرتضيــت أن توجهه لنفسك .. أو تستخدمـــه إستخدامــاً خاطئـــاً ..
هذا الســلاح الخطيــر هو – طبعاً – الإعــلام الإجتمــاعي..
السلاح العصــري التقني الذي استخدمه الشباب العربي ببراعة للحشـــد والتعبئة للثــورات المُتتالية فى خمس بُلــدان عربية ، للتحــرر من حُكــم ديكتاتوريات استمرت لعشــرات السنين .. أصبــح الآن الســلاح الاول الذي من الممكن أن يهــدم المُجتمعات العربية بمُختلف أطيــافها وتركيباتها ، وينغــرس بقوة فى قلـــب وحداتها الوطنية ، ويجر البلاد والعباد إلى مُنزلــق خطيـــر غير مسبوق من الفتن والصدامات..
أصبحت وسائل الإعلام الإجتمــاعي هذه الأيام ، وعلى رأسها الفيسبوك و تويتر لا تُطــاق بالفعل .. منابــر دائمة لبث الفتــنة وإطلاق الشائعات ، بشكــل يمثل صبــاً مُستمراً للزيت على النار ، ويجعــل أي مُحاولات للتهدئــة أمــراً مُستحيلاً ، كمن يحفــر فى البحـــر ..
ووسط كل هذا الضجيـــج ، والسيــل الهائل الذي لا يتوقف من السباب المُتبادل ، وعبارات التخويـــن والتكفيـــر والإقصـــاء والغضب والصـــراخ .. لا يوجـــد لديَّ ما أفعلــه سوى بعض النصائــح الصادقة لمُستخدمي الإعلام الإجتمـــاعي فى العالم العــربي ، الذي يمـــر بحالة غيــر مسبوقة من الفتــن والإضطــرابات الداخلية ..
ربمــا تُســاهم هذه النصــائح فى تخفيف التوتر والمشاحنات بين عشــرة أشخاص فقط .. هذا يكفيني تماماً ، وسأشعـــر أنني قمت بعمل شيــئ مفيد !
النصيحــة الاولى : حـــاول أن تخـــرس قليــلاً !
في زمن الإضطــرابات السياسية والإجتماعية .. غالباً أنت لا تفهـــم شيئاً ، ولا تعرف ما الذي يدور حولك بالضبط .. من القاتل ومن المقتـــول ، ومن فعــل ماذا ولماذا فعله وأين ومتى … لماذا تملأ الدنيــا ضجيجاً إذن ؟! ..
لماذا لا تهـــدأ قليلاً ، وتكتفي بالمُتابعة ومصمصة الشفــاه فى حســـرة ، دون أن تلجــأ إلى نشـــر كل الصور والمنشـــورات المزيفة والفيديوهات المُفتعلة على الفيسبوك وتويتر ؟!
صدقني .. ستشعـــر براحة نفسيـــة فــور إلتزامك بهذه النصيحة !
النصيحـــة الثانية : تأكـــد من صحـــة المعلومات ..
لا تكــن مثل الهشيـــم تذروه الــرياح .. كل معلومة تروقك تقوم بتصديقها وتنشرها على أوسع نطاق .. وكل معلومة لا تروقك أو لا تنحــاز إلى فكـــرك ، تتجاهلها وتتهم ناشـــرها بالتآمر والجهل ، وتصب عليه جام غضبك ..
تأكـــد من المصــدر من فضلك .. تسعة أعشــار المنشورات على الفيسبوك وتويتر هي أخبــار ( مضــروبة ) بالمعنى الحـــرفي ، يكتبها أناس يجلســـون فى الغرف المُكيفة ، ولا يهتمـــون بأي شيئ سوى إثارة المزيد من الفتـــن والغضب بين النـــاس..
مرة أخرى : أي أخبار أو صور أو فيديوهات تراها أمامك فى أي وسيلة إعلام إجتمــاعي ، إبحث اولاً بسرعة عن المصـــدر .. اذا وجدت اسم المصــدر ، فإبــدأ بالتحـــري والتأكد عنه قبل أن تكوٍّن وجهة نظـــرك .. إذا لم تجد أي مصـــدر للخبر ، فتعامل مع الامـــر كأنك لم تقـــرأ شيئاً على الإطـــلاق !
النصيحـــة الثالثة : حافــظ على أصدقاءك ..
صديــقك العزيـــز الذي تتذكــر له العديد من المواقف فى حياتك .. لا يُمكن بأي حال من الاحوال ان تخســـره لمجرد خلافك معه سياسياً أو فكـــرياً .. الواقع أننى شخصيــاً كنت أفتــرض أن هذا الامــر خيالي جداً ، وأنه من المُستحيـــل أن تنفض صداقات طويــلة لمجرد خلافات سياسية / فكرية على الفيسبــوك او تويتر.. ولكن فى زمن الفتـــن هذا يحـــدث كثيـــراً جداً ..
شخصيــاً ، تعرضـــت فى الفترة الأخيـــرة لموجة ( UnFriend ) هائلة من أصدقاء أعـــزاء ، لم أكن أتخيــل لمجرد خلاف فكــري بيننا ، يتطور الأمـــر إلى هذا الحد .. ويصل إلى حد المقاطعة وعدم الرغبة فى متابعة أخبـــاري أو التواصل معي ..
النصيــحة الرابعة : تجنَّـــب الحوارات الإستفزازيـــة ..
الواقع أن الحوارات الإستفــزازية هي السبب الاول لإندلـاع الفتن على الفيسبوك وتويتر ، والتى تنتقل حتمــاً إلى الأرض ..
كلما كنت مُستفــزاً أكثر فى حواراتك مع الآخرين ، كلما ازداد الغضب .. كلما ازداد التمســك بالرأي .. كلما إزداد العنف .. كلما ازداد الجنون .. كلما ازدادت الرغبة فى حمل الســلاح لإخــراس الطرف الآخر المُستفز .. كلما ازدادت المظاهرات .. كلما ازداد القتــلى..
لخصــت لكم كل شيئ !
لا تكن مُستفـــزاً مع الآخرين فى أوقات الصراعات المتفجرة ، ولا تحاول الإستظـــراف أو التحامل على الآخر .. كن هادئــاً راقياً فى حواراتك مع الآخرين ، وستجد – بمرور الوقت – أن الــوضع تحول إلى مجرد نقاش عادي يتبادل الأفكــار والآراء .. دون تخويــن أو غضب أو ردود أفعال عنيفة..
النصيحة الخامسة : إحتـــرم فكــر الآخرين ..
الفكـــر هنا يتنوع مابين العقيــدة .. والايدولوجيا .. والفكر السياسي .. والفكر الإقتصادي .. والفكر الإجتمــاعي .. إلخ ..
حاول أن تقتنع – بأي طــريقة – ان الله خلقنـــا مُختلفين يابني .. مُختلفين فى كل شيئ.. ماذا ستستفيد إذا كنا جميــعاً متفقين على نفس الفكـــرة ونفس المضمون ، ولا يوجد أي خلاف بيــننا .. ما هذه الحيــاة المملة التى تريدها ؟
لذلك ، عندما تجد صديــقاً لك يضع منشوراً معيناً لفكره ، أو لتوجهه السياسي ، أو لعقيدته .. تقــبل الامــر بصدر رحب ولا تهاجمـــه – حتى من باب المزاح – … فقط ناقشـــه ، وإعتـــرض كما تريد ، ولكن برقي وهدوء واقتناع كامل بحريته فى طــرح أفكاره وانتماءاته على حائطه الشخصي ..
مهما بــدت شنيعة أو مُنفـــرة بالنسبة لك .. هذا حقــه .. وحقك ..
النصيـــحة السادسة : تجنَّـــب التعميم ..
آفتنا نحن كشعــوب عربية ، هو أننا نحتـــرف التعميم بشكـــل مُدهش .. تشاهد فيديو مُعين عن خطــأ أو جريمة إرتكبهـــا أحد الأشخاص الذين ينتمــون إلى ( ديــن / فصيلة / طائفة / فكـــر سياسي ) آخـــر ..
فيكون أول رد فعـــل لك هو التعميـــم : كل أتباع هذا ( الدين / الفصيلة / الطائفة / الفكـــر السياسي ) مُجــرمون أوغاد قتلة حُمقـــى .. إلخ ..
حاول أن تفهم – مرة أخرى - أن الله خلقنــا جميعاً فرادى ولسنا جماعات .. ما ذنبي أنا إذا كان أحد المؤيدين لنفس الفكـــر الذي أعتقده وغــداً أو مجــرماً أو سليط اللســان ؟ .. هل ستعتبـــرني كذلك أنا أيضاً لمجرد أننى أعتنق نفس الفكــرة أو التوجـــه ؟!
هذه النصيحـــة تحديداً اعرف أنه من الصعــب أن يعمل بها أي عـــربي .. نحن جُبــلنا على التعميم بطبيعتنا على مايبـــدو ، ولدينــا قاعدة واضحة مُفــادها :
كـل التابعيــن لفكـــرة معينة – مضادة لفكــرى – هم حتمــا أوغـــاد !
النصيحــة السابعة : لا تنشـــر أي منشــور / فيديو تحريــضي أبداً..
مهمـــا كان .. وتحت أي ظـــرف .. لا تقم أبداً بنشــر أي منشور أو فيديو أو خبـــر تحريضي ، خصوصــاً لو كنت مُديــراً ( Admin ) لإحدى الصفحـــات ، أو لديــك عدد كبيـــر من المتابعين ..
نشـــرك لأي وسيلة تحريضية ، حتى لو كان لمُجـــرد الإعلام والنشـــر المعرفي ، ربما يُثيــر الغضب أو الإنفعـــال فى قلوب بعض الشباب ، ويقـــررون النزول للشوارع وزيــادة الإضطــرابات والفوضى .. فقط لأنك ساهمت فى توصيــل هذا الخبـر التحريــضي إليهم ، فى الوقت الذي تجلس انت فى منزلك تشــرب المياه الغازية وتكتفي بمتابعة الأخبـــار عبر الإنترنت !
لا أعـــرف متى ستقرأ أنت هذه السطـــور .. ربما تقـــرأها بعد عشر سنوات من وقت كتابتها ، وقد إستقرت الامور فى كل بلادنا العـــربية – وهذا ما أشـــك فيه بشدة – .. وقتئذ ستشعـــر انني مُصـــاب بعقد نفسية عصبية ، أو اننى مصاب بنوع من الهيستريا .. ربما لأنك لم تعـــش هذه الأيام الســـوداء التى نعيشها جميعاً الآن..
هــذه النصــائح تغطى الأمـــور الأساسية – من وجهة نظـــري – التى قد تُســاهم فى تهدئــة المعارك الإفتــراضية الدائـــرة فى أوطاننا .. وبالتالي – ربمــا – تقلل من حدة الصــراعات فى عالمنا الواقعي ، إذا تمَّ نشـــرها وتطبيــقها بشكل جماعي ..
إذا كُنتَ مُقتناً بما جاء فى هذا المقال ، بأنه من الممكن أن يحقق نتيجــة إيجابية فى المستقبل القريب أو البعيد ، فقم بنشــره فى كل مكان ، وشـــاركه مع أكبــر عدد من أصدقاءك لتعم الفائــدة..
هل لديـــك إقتــراحات أخــرى تعتقـــد أنها من الممكن أن تخفف من حـــدة الصراعات على وسائل الإعلام الإجتمــاعي ؟ .. لا تخـــرج قبل أن تخبـــرنا بها ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق